الزعيم محمد فريد

**رضا المدير العام** الخميس أكتوبر 25, 2012 8:30 am

حياته ومولده:
ولد محمد فريد بالقاهرة عام 1868م، وكان والده أحمد فريد باشا من الأغنياء، فكان ناظرًا للدائرة السنية، وكان له مركز كبير، وتعلم محمد فريد في مدارس الحكومة، حتى حصل على شهادة الحقوق سنة 1887م، وعمل في الوظائف الحكومية؛ حيث ألحقه والده بوظيفة مترجم للدائرة السنية، وأخذ يتدرج في المناصب حتى أصبح وكيلًا لنيابة الاستئناف.
وما لبث أن اصطدم محمد فريد بالإنجليز في قضية التلغرافات؛ حيث إنه في هذه القضية اتهم الشيخ علي يوسف – صاحب جريدة المؤيد – بإذاعة أسرار وزارة الحربية، ونشرها في صحيفته، فتم تقديمه للمحاكمة، وفي ذلك الوقت كان محمد فريد وكيلًا لنيابة الاستئناف، وكان يجهر بميوله الوطنية، ويعلن تعاطفه مع هذه القضية، ومعارضته سياسة الاحتلال؛ لذلك قررت الحكومة نقله إلى مغاغة قبل نظر القضية أمام محكمة الاستئناف، واعتبر محمد فريد هذا إهانة لكرامته، وفضل الاستقالة؛ لكي يتفرغ إلى الجهاد ضد الاحتلال.
ثم اشتغل بالمحاماة، واتصل بالزعيم الوطني مصطفى كامل منذ عام 1893م، ورافقه فى الكفاح ضد الاحتلال، ولمَّا أُنشئ الحزب الوطني اختير محمد فريد وكيلًا له، وأوصى مصطفى كامل بتوليته رئاسة الحزب من بعده، ولما توفي مصطفى كامل تولى محمد فريد رئاسة الحزب الوطني في فبراير 1908م.
كفاحه:
تولى محمد فريد زعامة الحزب الوطني في ظروف لم تكن مواكبة تمامًا له، إذ تحول الخديوي عباس حلمي الثاني عن مؤازرة الحكومة الوطنية إلى مولاة الاحتلال، فاتجه محمد فريد إلى الجهاد ضد الاحتلال والخديوي فى وقت واحد، وأخذ يوثق صلته بأعضاء مجلس شورى القوانين، وبالعمال والفلاحين، ويطالب بإنشاء مجلس نيابي، له سلطات واسعة، وليس مجلسًا استشاريًّا، وإنشاء نقابات للعمال، والاهتمام بالتعليم، وجعله إلزاميًّا في المرحلة الابتدائية، وبالمجان، فانزعجت السلطات البريطانية من حركة محمد فريد، وطاردوه، وقيدوا حرية الصحافة، واستخدموا الشدة والعنف مع الوطنيين.
الوسائل التي استخدمها محمد فريد:
بالإضافة لاتباع محمد فريد سياسة مصطفي كامل: من كتابة في الصحف والمجلات، وتأليف الكتب، وإرسال مذكرات الاحتجاج على وجود الاحتلال البريطاني في مصر, وإرسال مذكرات إلى الخديوي؛ لإعادة الحياة النيابية، إلا أن محمد فريد برع في عدة وسائل، منها:
1)عقد المؤتمرات الوطنية:
فكان يراها محمد فريد خير وسيلة لتعريف الشعب المصري والدول الخارجية في نفس الوقت مساوئ الاحتلال، وتنمية الروح الوطنية لدى المصريين، ومناهضة الاحتلال، وكان يشارك في أي مؤتمر يعقد، ولم يكتف بعقدها في مصر فقط، ولكن في الدول الأوروبية أيضًا، ومن أهم هذه المؤتمرات:
أ‌) مؤتمر الشبيبة بجينيف سبتمبر 1909م:
وقد نظم هذا المؤتمر لجنة من الشباب الوطنيين، وكان الحزب الوطني متمثل في جريدة اللواء يدعم هذا المؤتمر، وحث المصريين القادرين ماديًّا على الاشتراك في هذا المؤتمر.
ب‌) مؤتمر السلام العالمي باستكهولم 1910م:
هذا المؤتمر كان يعقد بصفة دورية؛ لذلك قرر محمد فريد الاشتراك فيه؛ لعرض القضية المصرية، والتنديد بالاحتلال ومساوئه، وبالفعل بدأ العالم الأوروبي يهتم بالقضية المصرية، ويعتبرون مصر من الدول التي تعاني من مساوئ الاحتلال.
ج) المؤتمر الوطني في بروكسل سبتمبر 1910م:
والذي يعتبر من أهم المؤتمرات، وقد كان مقررًا لهذا المؤتمر أن يعقد في باريس، وكان الغرض منه هو فضح سياسة الإنجليز في العالم كله، وقبل انعقاد المؤتمر بأسبوع رفضت فرنسا، بحجة الوفاق الموجود بين إنجلترا وفرنسا، والذي لا يبيح لها عقد مؤتمر من شأنه التنديد بسياسة الإنجليز، فقام محمد فريد بنقل المشاركين في هذا المؤتمر على حسابه الخاص إلى بروكسل بالقطار، وتم عقد المؤتمر، واستمر لمدة 3 أيام، تناقلت الصحف ما قيل في هذا المؤتمر.
حيث إنه تم توقيع اتفاقية 1899م، وافق عليها بطرس غالي، تقتضي بأن تكون السودان شراكة بين مصر وإنجلترا ظاهريًّا، وفي الحقيقة تكون خاضعة للسيطرة الإنجليزية، وتصبح جزءًا من مستعمرتها، فكان من أهم مطالب محمد فريد هو بطلان اتفاقية السودان، وليس إلغاءها؛ حيث إن السودان جزء من أملاك محمد علي وفقًا لاتفاقية لندن.

2) إدخال فكر جديد في مصر:
إنشاء مدارس ليلية: فكان من ضمن السياسات التي عمل بها، هو إدخال فكر جديد في مصر، وهو تثقيف الشعب المصري؛ حيث بدأ بطبقة العمال، وقام بإنشاء مدارس ليلية؛ وذلك لتعليم العمال، وكان شباب الحزب الوطني هو المشرف على هذه المدرسة، وكانت أول مدرسة أنشئت في بولاق، واشترك فيها العديد من العمال، ثم بدأت هذه المدارس تنتشر في العديد من الأماكن لمحو أمية العمال.
أنشأ نقابات للعمال: فكان محمد فريد يسعى إلى وضع تشريعات لطبقة العمال والعناية بشؤونهم، فبدأ يفهمهم أن كل طائفة من العمال لها نقابة تدافع عن مصالحها، حتى يكون هناك وعي قومي، وأول نقابة أنشئت في بولاق، وكانت تضم العمال أصحاب الحرف اليدوية.
مشروع مد امتياز شركة قناة السويس سنة 1910م، وموقف محمد فريد منه:
حاول الاستعمار البريطاني فى عام 1910م مد امتياز قناة السويس أربعين سنة أخرى بعد انتهائه عام 1968م، نظير قيام الشركة بدفع مبلغ من المال يصدر للحكومة، ولكن الوطنيين، وعلى رأسهم محمد فريد تصدوا لهذا المشروع بقوة، واستمر محمد فريد يدافع عن القضية المصرية، فسافر إلى أوروبا عام 1910م، وكتب مقالات عديدة فى الصحف الفرنسية، وقد تسبب هذا النشاط الوطني لمحمد فريد فى تكتل الاحتلال والخديوي ضده، وقُدِّمَ للمحاكمة، وصدر القرار بحبسه ستة أشهر، وذلك عام 1911م.
وفاته:
وقد أخذ الاحتلال يتربص بمحمد فريد؛ لإعادته إلى السجن مرة أخرى، فآثر السفر إلى الخارج، والعمل على الدعاية للقضية المصرية، وبالفعل سافر سرًّا إلى الأستانة 1912م، وأخذ ينتقل من بلد إلى بلد داعيًا للقضية المصرية حتى وفاه أجله المحتوم في 1919م في ألمانيا.[center] الزعيم محمد فريد 01115